مدونة بقلم ايمن نور
.. لم الدهشة أو العجب في زمن أكثر ما يدهشني فيه قلة الدهشة؟!
.. لم أندهش أبداً من قرار محكمة النقض الذي قضي بالأمس بقبول طعن «هشام طلعت مصطفي»، وإعادة محاكمته بعد الحكم بإعدامه.. ولو حدث غير هذا لكانت دهشتي أكبر!!
فاليوم سيخرج «هشام» للحرية مكتمل الحقوق وبعد أيام سيخوض انتخابات الشوري وسينجح لأول مرة دون أن ينفق مليماً!!.
.. ولم أندهش وأنا أتابع ــ أيضاً ــ أمس الخميس 4 مارس، أنباء وتفاصيل الحكم الذي صدر مساء أمس ببراءة جميع المسئولين المتهمين في قضية تلوث مياه الشرب بالبرادعة وإصابة الآلاف بالتيفود وغيره!!.
.. ولم أندهش من إطلاق دعوي لمحاكمة الدكتور «محمد البرادعي»، ولو حدث غير هذا لاندهشت أكثر!!.
.. ففي عصور الظلام تقطع رءوس القامات الكبيرة لكي يتساووا في الطول مع الأقزام!! وتُقطع ألسنة البُلغاء، حتي يصبح أغبياء النظام أفصح الفصحاء!!.
.. لم لا يحدث هذا في بلد عرف يوماً قراراً بإلغاء أم كلثوم، ومنعها رسمياً من الغناء في الإذاعة «!!» إلغاء أم كلثوم، بقرار حكومي، لم ينجح ــ كما تصور البلهاء ــ في حذفها من خريطة آذان الناس، حتي لو حُذفت من خريطة الإذاعة!!.
.. كما لم ينجح القرار في تعيين مطربة أخري في موقع المطربة الأولي، فقد عاشت أم كلثوم رغم محاولة قطع رقبتها بقرار رسمي، كما ماتت المطربة «البديلة» بصدور قرار تعيينها!!.
.. في السياسة ــ مثلها مثل الفن ــ لا يستطيع أحد أن يفرض ذوقه الرديء علي الناس، لا يملك أحد أن يفقأ عيني مصر، كي لا تري الحقيقة، ويقطع لسانها، لكي لا تتكلم، ويشل أقدامها، لكي لا تتحرك، ويخمد أنفاسها حتي لا تعيش، ويطفئ جذوة الأمل في قلوبها، كي تستسلم لواقع حزين رديء، عديم الموهبة!!.
.. شاهدت أثناء زيارة قريبة لمدينة بورسعيد، لافتة أعدها بعض أتباع الحزب الحاكم تقول: «لا للبرادعي.. لا لنور.. فمبارك غمر حياتنا بالسرور»!!.
.. اللافتة التي تجسد حالة من حالات «الانفصال الشبكي» ــ ليس بالطبع في رفض «البرادعي» أو «نور» ــ لكن في الادعاء أن مصر أغرقتها سنوات «مبارك» في السرور!! يكشف حجم قلة الذكاء الذي تدار به مصر!!.
.. لم أندهش أن تُسلط بعض الكائنات الحزبية «الوهمية»، لخوض معركة بالوكالة عن بعض أجهزة النظام بدعوي محاكمة «البرادعي» شعبياً، بالفعل هذه الكائنات تعرف نبض الشارع المصري جيداً، لكنها تسير دائما؟! عكس خط سير مشاعر الناس بدرجة انحراف 180 درجة!!.
.. عدم دهشتي من تلك المحاكمة «الهزلية» أنني سمعت عن مثلها قبل وبعد خروجي فقاعات تنفجر لحظة ميلادها، وتموت قبل أن تبدأ!! بالونات اختبار، ومحاولات للتشجيع علي الاجتراء..
.. أقسم لكم بالله، أنني أوالدكتور «البرادعي» لم نلوث مياه الشرب في البرادعة! ولا في مصر كلها! ولم نكن يوماً سبباً في انتشار الأمراض أو الأوبئة، ولا سبباً في زيادة الدين العام المحلي أو الأجنبي! ولم نتاجر يوماً بديون مصر، أو نتربح من احتكار سلعة، أو نلعب في البورصة!! لم نقد خط التقدم في مصر إلي تقهقر مستمر في أعظم سيمفونيات الفشل!!.
.. لم نحكم هذا الوطن يوماً واحداً، كي نحاسَب علي ما آلت إليه الأمور فيه من فساد واستبداد وغياب للعدالة والكرامة والقيمة، لم نستخدم الطوارئ 29 عاماً، لم نطعم الناس الذل ولم نخلط مياه الشرب بمياه المجاري..
.. نعم حاكمونا كما تريدون ولكن حاكموهم أولاً علي كل ما فعلوا، ويفعلون!! مبروك ــ من القلب لهشام ــ وللمسئولين عن مياه البرادعة، ولا عزاء لــ«البرادعي»!!.
دي كلمة لايمن نور وبصراحة انا كمان شايف انه حتي لو البردعي مش هحقق كل احلامنا برضه هيكون احسن من دلوقتي
السبت مارس 06, 2010 8:41 am