بسم الله الرحمن الرحيم
قال معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إن المؤتمر العام للحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم في مصر والمقرر عقده في نهاية الشهر الحالي، سوف يعمل على تهيئة الرأي العام المصري لقبول فكرة "توريث الحكم" من خلال ما وصفه بـ "تجهيز" جمال مبارك الأمين العام المساعد للحزب الوطنى أمين لجنة السياسات، لخلافة والده، وذلك رغم ما قيل في وقت سابق من ان الحزب أصدر قرارا غير معلن يقضي بعدم تسمية مرشح للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى بعد عامين خلال مؤتمره المقبل.
وحسبما ذكرت صحيفة "المصري اليوم"، فقد أوضح المعهد فى تقرير له أمس السبت، أنه رغم أهمية المؤتمر فإنه لا يستحوذ على مانشيتات الصحف هذه الأيام.
وتثير مسألة الخلافة السياسية في مصر جدلا مستمرا خاصة وأن مبارك الموجود في الحكم منذ عام 1981 سيدخل عامه الثاني والثمانين في مايو/ أيار المقبل، في ظل شائعات حول حالته الصحية.
ويعتقد على نطاق واسع باحتمال توريث الحكم للنجل الأصغر للرئيس المصري، جمال مبارك، والذي يشغل منصب الأمين العام المساعد في الحزب الوطني الحاكم، ويترأس لجنة السياسات المسئولة عن وضع سياسات الدولة.
ويأتي التقرير الأمريكي الجديد بعد أيام من وضع مؤسسة بحثية أمريكية مهتمة بمتابعة الشؤون الأفريقية، جمال مبارك، فى المركز التاسع ضمن قائمة أهم 10 رؤساء متوقع وصولهم للحكم فى أفريقيا بحلول عام 2010.
وذكرت مؤسسة "بيللو آند مانشا"، فى تقرير أصدرته مؤخرا، أن التوقعات العلمية والشعبية فى مصر خلال السنوات العشر الأخيرة تشير جميعها إلى تولى جمال مبارك الحكم خلفاً لوالده، على الرغم من نفى كل من الرئيس مبارك ونجله لتلك التوقعات.
وقالت المؤسسة، التى تتخذ من مدينة نيويورك مقرا لها، إن أمانة السياسات بالحزب الوطنى هى الهيئة السياسية الأكثر تأثيراً فى مصر، معتبرة أن تعيين الرئيس لنجله أميناً عاماً للسياسات عام 2002، يجعله الرجل الثالث فى الحزب الحاكم، واصفة مصر بأنها "دولة الحزب السياسى الأوحد"، منوهة بأن سيطرة الحزب الوطنى على أغلب مقاعد البرلمان، تعطى لمنصب جمال مبارك سلطات واسعة لتشكيل سياسة الدولة.
وذكرت المؤسسة الأمريكية أن العديد من المراقبين اعتبروا أن التعديلات الدستورية التى قام بها الرئيس مبارك تصب فى مصلحة توريث السلطة لنجله بحلول عام 2011، "لكى تبدو عملية التوريث بصورة ديمقراطية وشرعية فى ظل انتخابات يشارك فيها أكثر من مرشح من المعارضة الضعيفة"، مشيرة إلى أن "تعديلات 2005 تمنع ظهور أى منافسة حقيقية".
وكان الأمين العام للحزب صفوت الشريف، قال في تصريحات سابقة إن الحديث عن اختيار مرشح لرئاسة الدولة لانتخابات عام 2011، لم يحن وقته بعده، مؤكدا أن اختيار مرشح من الحزب لن يتم في المؤتمر السنوي المقرر عقده نهاية أكتوبر الحالي، وإنما سيجري في مؤتمر خاص في عام 2011 "يختص فقط بتسمية مرشح للرئاسة".
وأضاف الشريف، في تصريحات سابقة لجريدة "الشرق الأوسط" اللندنية ، أن النظام الأساسي في الحزب ينص، وبوضوح، على أن "الحزب يجتمع عندما تحل المدة المقررة في الدستور لانتخابات الرئاسة، وهي قبل الانتخابات بفترة كافية، حيث ينعقد مؤتمر حزبي يتكون 5500 قيادة بالحزب، يختص فقط باختيار المرشح للرئاسة".
وأوضح أن موضوع اختيار مرشح الرئاسة ليس من شأن المؤتمرات العامة، ولا المؤتمرات السنوية للحزب. وقال إن المؤتمر الخاص باختيار مرشح الرئاسة يسبقه اجتماع للهيئة العليا للحزب، طبقا للنظام الأساسي، لاختيار مرشح أو أكثر من مرشح، ويتم عرض المرشحين على المؤتمر الذي يختص بهذا الموضوع دون غيره من موضوعات، لتسمية المرشح للرئاسة.
وطبقا لما ينص عليه النظام الأساسي للحزب، كما قال الشريف، يجري الاختيار عبر انتخابات من المؤتمر المختص، بتصويت سري، وفي صناديق زجاجية، وتشكل لجنة خاصة نص عليها النظام الأساسي أيضا، لعملية الفرز وإعلان النتيجة. ولفت الشريف إلى أن هذا ما تم بالنسبة للرئيس المصري حسني مبارك (في انتخابات الرئاسة عام 2000)، حيث اجتمع المكتب السياسي الذي كان يمثل الهيئة العليا للحزب في ذلك الوقت، واختار الرئيس مبارك، وطرحه على المؤتمر الحزبي، حيث انعقد المؤتمر وتم التصويت، حتى لو كان مرشحا واحدا.
ضعف شعبية جمال مبارك
جمال مبارك
في نفس السياق، أوقف الحزب الوطني استطلاعًا للرأي بعد أن أظهر ضعف شعبية جمال مبارك بين المصريين. أوضحت صحيفة "الشروق" اليومية المستقلة أن المواطنين كان عليهم الإجابة عن سؤال من أفضل مرشح للرئاسة بعد الرئيس مبارك؟.
ونقلت الصحيفة عن مصادر قريبة من القائمين على الاستطلاع قولهم إن 360 فقط من أصل أربعة آلاف شخص شاركوا في الاستطلاع اختاروا جمال مبارك (44 عاما).وأشارت إلى أن الاستطلاع كان مقررا أن يجرى في ثماني محافظات، إلا أنه توقف بعد أن بدأ في ثلاث محافظات من محافظات الدلتا
وكان من المقرر ان يطرح الاستطلاع المسمى "استطلاع مؤتمر الوطنى السادس"،ستة أسئلة، آخرها يتعلق بجمال مبارك وشعبيته لدى المواطن المصري. وكان السؤال الأول في الاستطلاع يتعلق بالبرنامج الانتخابى للرئيس المصري حسني مبارك، وما إذا كان المواطنون يشعرون بتنفيذه.
فى حين تدور الأسئلة من الثانى إلى الخامس حول الخدمات المقدمة من الحكومة مثل البنية الأساسية والخدمات المباشرة ومدى استحسان المواطن لها وعن أداء نواب الحزب الوطنى فى البرلمان ومدى شعبيتهم فى دوائرهم، "هل تعرفه وماذا قدم لك؟".
بالإضافة إلى سؤال عن مدى تقبل المواطنين لسياسات التربية والتعليم. والسؤال الخامس مرتبط بالمؤتمر السنوى للحزب، توصياته السابقة ورقم المؤتمر القادم وماذا يريد منه المصريون؟.
قضية التوريث
كانت التصريحات التي أدلى بها مبارك اثناء زيارته للولايات المتحدة في شهر اغسطس/ اب الماضي والمتعلقة بقضية توريث حكم مصر، قد أثارت الشكوك مجددا حول تهيئة جمال مبارك نجل الرئيس لخلافة والده.
فقد اعتبر الكثير من السياسيين والحقوقيين المصريين تصريحات الرئيس وعدم تفكيره فى أن يكون ابنه خليفة له فى الحكم، "نقطة خادعة"، ولا تعتبر حسماً لملف التوريث.
وقالوا: "إن تصريحات مبارك التتى أدلى بها خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية، لا تخرج عن الكلام السياسى، خاصة أنه لم يعط تأكيدات حول موقفه من تولى نجله للسلطة فى مصر من عدمه، أو حتى توليه هو نفسه الحكم لفترة ولاية مقبلة بعد عامين من الآن، وهو ما يزيد من غموض الأوضاع والحياة السياسية خلال الفترة المقبلة".
وكان مبارك صرح بأنه مازال من المبكر الحديث عن مسألة ترشحه للرئاسة لفترة أخرى، مشيرا فى حوار أجراه معه المذيع الأمريكى تشارلز روز على قناة "سى. بى. إس" الأمريكية اثناء زيارت للولايات المتحدة، إلى أن الحديث عن ترشيح جمال مبارك للرئاسة هو لمجرد البروباجندا لتوجيه النقد للنظام" وأن الموضوع خارج تفكيره تماما.
وقال مبارك إنه لم يتخذ قرارا فى شأن ترشحه للرئاسة حتى الآن، وحول اعتقاده بمن يخلفه فى حالة عدم ترشحه رد الرئيس قائلا "ليس الذى تفكر فيه" فى إشارة إلى أمين لجنة السياسات جمال مبارك.
وصف الأعضاء المشاركون فى جروب محبى ومؤيدى جمال مبارك، على موقع الفيس بوك، شباب المعارضة "بالجهلة وأصحاب الفكر المتدنى"، جاء ذلك ردا على بعض جروبات شباب المعارضة التى تطالب بتدخل المؤسسة العسكرية فى انتخابات الرئاسة القادمة من أجل وقف عملية التوريث.
وقال أعضاء الجروب إن شباب المعارضة يهدفون لهز استقرار البلاد وضرب الأمن والأمان فيها وأضافوا "من واجبنا أن نرد على أمثالهم"، وأضافوا فى البيان الذى طالبوا فيه بجمع أكبر عدد من التوقيعات لرفض مطالب شباب المعارضة "يا أيها المخربون إنكم لا تحبون هذا البلد ولا تتمنون تقدمها ولا رقيها وإنما تسعون لتدميرها وخلق الفتنة بين صفوفها،يا أيها الغوغائيون إن مصر أكبر بكثير مما تسعون إليه".
وأشار الجروب أن شباب مصر لديهم من الوعى والذكاء ما يكفيهم للنجاة من خبث "الجبناء"، وقالوا نرفض تماما مثل هذه الأساليب الرخيصة ونطالب الجميع بالابتعاد تماما عن إقحام المؤسسة العسكرية فى مثل هذه الأمور.
وجاء فى نهاية البيان: "يعلن جروب محبى ومؤيدى وعشاق جمال مبارك أنه لن يقبل أبدا سواء من قريب أو بعيد محاولات المعارضة المشبوهة التى تهدف إلى تشويه صورة جمال مبارك واللعب على مشاعر الشعب بكلمة التوريث التى اخترعوها من تلقاء أنفسهم والتى ليس لها أساس من الصحة".
وضعت جهة بحثية أمريكية، جمال مبارك أمين لجنة السياسات والأمين العام المساعد بالحزب الوطنى الديمقراطى، على قائمة أهم 10 زعماء من المنتظر أن يقودوا القارة الأفريقية عام 2010.
وقالت شركة "بيللو آند مانشا" الاستشارية البحثية الأمريكية المهتمة بمتابعة الشئون الأفريقية التى تتخذ من نيويورك مقراً لها فى تقريرها، إن "جمال مبارك الذى يكمل عامه الـ47 فى ديسمبر الأول 2010، يحسب له بشكل أساسى تقديمه جيلاً من الليبراليين الجدد إلى الحزب الوطنى والحكومة المصرية ورؤيته الإصلاحية لمستقبل مصر".
وتابعت: "لهذا فهو يحظى بشعبية لدى كثيرين، خاصة الشباب المصريين الذين يرونه انحرافا واضحا عن الحرس القديم" حسب تعليق الشركة البحثية.
وقالت الشركة فى تقريرها، "لكون مصر دولة حزب أوحد حاليا، بسيطرة الحزب الوطنى على أغلبية كاسحة من المقاعد فى البرلمان، فإن وضع جمال يعطيه سلطات واسعة لوضع السياسات الوطنية".
وأضافت أن السيرة الذاتية لجمال ومكانته الصاعدة فى الحزب الوطنى الوطنى الديمقراطى الحاكم "تعتبر مؤشرات قوية على الحتمية المتزايدة لتوليه رئاسة مصر خلفا لحسنى مبارك.
وأشارت إلى أن وضع جمال مبارك "تعزز بقوة فى العاصمة واشنطن"، حيث زارها عام 2003 رئيسا لوفد مصرى رسمى التقى آنذاك نائب الرئيس ديك تشينى ووزير الخارجية كولين باول ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد ومستشارة الأمن القومى كوندوليزا رايس.
وقالت الشركة إن جمال مبارك زار البيت الأبيض فى زيارة خاصة عام 2006 رغم أنه ليس مسئولاً حكومياً منتخبا أو معينا، ما وصفته بـ "تكريم نادراً ما يحظى به رؤساء منتخبون".
لكن الشركة نبهت إلى أن "المناخ السياسى ملتهب بالفعل مع المعارضة الكبيرة لانتقال السلطة عبر التوريث وحكم الرئيس مبارك بصفة عامة".
وخلصت الشركة فى تقريرها إلى أن تولى جمال رئاسة مصر يتوقف على قبول الشعب المصرى "الذى عانى عقودا من الوعود التى لم تتحقق فى عهد الرئيس مبارك"، وكذلك موقف المؤسسة العسكرية من "قيادة شخص لا يحمل أوراق اعتماد عسكرية للبلاد للمرة الأولى فى تاريخها".
ومن أبرز من ضمتهم القائمة إلى جانب جمال مبارك، الرئيس النيجيرى عمر يار ادوا والرئيس الجنوب أفريقى جاكوب زوما ورئيس الكونجو الديمقراطية جوزيف كابيلا والرئيس الغانى جون أتاميليس والرئيس البوتسوانى إيان خاما والرئيس القادم للاتحاد الأفريقى الذى سيخلف الرئيس الليبى معمر القذافى.
يذكر أن الجهة التى أعدت التقرير هى شركة "بيللو آند مانشا" الاستشارية البحثية الأمريكية، ومقرها نيويورك، وهى شركة مهتمة بالشئون الأفريقية، حيث تساعد عملاءها من المستثمرين والشركات العاملة فى أفريقيا على تقليل نسبة المخاطر من الاستثمار والعمل فى أفريقيا عبر متابعة التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية فى القارة السمراء.